هل يقعد بين الشفع والوتر ويسلّم عند الإِيتار بثلاث؟
قال ابن نصر المروزي في "قيام رمضان"(ص ١٢٥): "وقد روي في كراهة الوتر بثلاث أخبار بعضها عن النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبعضها عن أصحاب النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والتابعين، منها"، ثمَّ ذكَر قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا توتروا بثلاث تشبهوا بالمغرب، ولكن أوتروا بخمس ... "، قال شيخنا (ص ٩٧): وسنده ضعيف لكن رواه الطحاوي وغيره من طريق آخر بسند صحيح، وهو بظاهره يعارض حديث أبي أيوب المخرَّج هناك بلفظ:" ... ومن شاء فليوتر بثلاث"، والجمع بينهما بأن يحمل النهي على صلاة الثلاث بتشهّدين؛ لأنَّه في هذه الصورة يشبه صلاة المغرب وأما إِذا لم يقعد إلاَّ في آخرها فلا مشابهة.
ذكر هذا المعنى الحافظ ابن حجر في "الفتح"(٤/ ٣٠١) واستحسنه الصنعاني في "سبل السلام"(٢/ ٨)، وأبعد عن التشبه في الوتر بصلاة المغرب الفصل بالسلام بين الشفع والوتر كما لا يخفى.
قال ابن القيم في "الزاد": قال مهنا سألتُ أبا عبد الله (يعني الإِمام أحمد) إِلى أيّ شيء تذهب في الوتر، تسلّم في الركعتين؟ قال: نعم، قلت: لأيّ شيء؟ قال: لأنَّ الأحاديث فيه أقوى وأكثر عن النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم في الركعتين، وقال حرب: سئل أحمد عن الوتر؟ قال: يُسلّم في الركعتين، وإن لم يُسلّم رجوت ألا يضرَّه، إلاَّ أنّ التسليم أثبت عن النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم".
ويتلخّص من كلّ ما سبق؛ أن الإِيتار بأيّ نوع من هذه الأنواع المتقدّمة جائز حسن، وأنّ الإِيتار بثلاث بتشهدين كصلاة المغرب لم يأت فيه حديث