أيضاً عند جماهير أئمة الإِسلام، وبه قضى أمير المؤمنين عثمان بن عفان -رضي الله عنه- لما طلق عبد الرحمن بن عوف زوجته بنت الأصبغ الكلبية طلقها ثلاثاً في مرض موته، فشاور عثمان الصحابة فأشاروا على أنها ترِث منه، ولم يعرف عن أحد من الصحابة في ذلك خلاف.
وإِنما ظهر الخلاف في خلافة ابن الزبير، فإِنه قال: لو كنت أنا لم أورثها، وابن الزبير قد انعقد الإِجماع قبل أن يصير من أهل الاجتهاد، وإِلى ذلك ذهب أئمة التابعين، ومن بعدهم، وهو مذهب أهل العراق: كالثوري، وأبي حنيفة، وأصحابه، ومذهب أهل المدينة، كمالك، وأصحابه، ومذهب فقهاء الحديث: كأحمد بن حنبل، وأمثاله، وهو القول القديم للشافعي.
وفي الجديد وافق ابن الزبير؛ لأن الطلاق واقع بحيث لو ماتت هي لم يرثها هو بالاتفاق، فكذلك لا ترثه هي، ولأنها حرمت عليه بالطلاق، فلا يحل له وطؤها، ولا الاستمتاع بها، فتكون أجنبية، فلا ترث ... ".
وجاء في "الاختيارات الفقهية" (ص ١٩٨): "ونكاح المريض في مرض الموت صحيح، وترث زوجته منه في قول جمهور العلماء من الصحابة والتابعين، ولا تستحق إِلا مَهر المِثل، لا الزيادة عليه بالاتفاق". انتهى.
وكما يقع النكاح في مِثل هذا الحال يقع الطلاق، كلاهما بشرطه، والله -تعالى- أعلم.
متى يطلّق القاضي؟
١ - عدم الإِنفاق:
جاء في "المحلّى" (١١/ ٣٢٦) تحت المسألة (١٩٣١): "وَمن منع النفقة