للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-سبحانه-: {ولا جُناح عليكم أن تنكحُوهنّ إِذا آتيتموهنّ أجورهنّ} (١)،

فالمراد أنّ المهر واجب للمنكوحة لا يجوز مَطْلُهَا منه، ولو كان العقد لا يصحّ إِلا بالمهر؛ لم يقل الله -عزّ وجلّ-: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهنّ أو تفرضوا لهنّ فريضة} (٢)؛ فإِنّ هذه الآَية تفيد أنّ العقد قد يقع قبل فرض المهر".

ثمّ ذكَر بعض الأدلّة على ذلك.

وقال شيخ الإِسلام -رحمه الله- في "الفتاوى" (٣٢/ ٢٠٧): "إِذا خلا الرجل بالمرأة، فمنعته نفسها من الوطء ولم يطأها؛ لم يستقر مهرها في مذهب الإِمام أحمد -الذي ذكره أصحابه: كالقاضي أبي يعلى، وأبي البركات، وغيرهما-، وغيره من الأئمة: مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، وإذا اعترفت بأنها لم تمكّنه من وطئها؛ لم يستقر مهرها باتفاقهم.

ولا يجب لها عليه نفقة ما دامت كذلك باتفاقهم، وإِذا كانت مبغضة له مختارة سواه؛ فإِنها تفتدي نفسها منه".

ماذا إِذا دخَل بها ولم يفرض لها صَداقاً؟

عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه-: "أنّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لرجل: أترضى أن أزوجك فلانة؟ قال: نعم! وقال للمرأة: أترضين أن أزوجك فلاناً؟ قالت نعم! فزوّج أحدهما صاحبه، فدخل بها الرجل، ولم يفرض لها صَداقاً، ولم يعطها شيئاً -وكان ممن شهد الحديبية، وكان مَنْ شهد الحديبية له سهم بخيبر- فلمّا


(١) الممتحنة: ١٠
(٢) البقرة: ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>