"ولو حاربوا بالعصِيِّ والحجارة المقذوفة بالأيدي أو المقاليع ونحوها: فهم محاربون أيضاً. وقد حُكي عن بعض الفقهاء لا محاربة إِلا بالمحدد. وحكى بعضُهم الإِجماع على أن المحاربة تكون بالمحدد والمثقَّل.
وسواء كان فيه خلاف أو لم يكن، فالصَّواب الذي عليه جماهير المسلمين؛ أنَّ من قاتل على أخْذ المال بأيّ نوع كان من أنواع القتال؛ فهو محارب قاطع، كما أنَّ من قاتل المسلمين من الكفار بأي نوع كان من أنواع القتال فهو حربي، ومن قاتل الكفار من المسلمين بسيف، أو رمح، أو سهم، أو حجارة، أو عصى، فهو مجاهد في سبيل الله.
وأمَّا إِذا كان يقتل النفوس سرّاً، لأخذ المال؛ مثل الذي يجلس في خان يكريه لأبناء السبيل، فإِذا انفرد بقوم منهم قتلهم وأخذ أموالهم. أو يدعو إِلى منزله من يستأجره لخياطة، أو طبّ أو نحو ذلك فيقتله، ويأخذ ماله، وهذا يسمَّى القتل غيلة ... ".
هل تُشترط الصَّحراء والبعد عن العمران؟
واشترط بعض الفقهاء أن يكون ذلك في الصَّحراء، فإِنْ فعلوا ذلك في البُنيان، لم يكونوا محاربين، ولأنَّ الواجب يسمَّى حدّ قُطَّاع الطَّريق، وقطْع الطَّريق إِنَّما هو في الصحراء، ولأن في المصر يلحق الغوث غالباً، فتذهب شوكة المعتدين، ويكونون مختلسين، والمختلس ليس بقاطع، ولا حدَّ عليه.
وذهب فريقٌ آخر إِلى أنَّ حُكْمهم في المصر والصَّحراء واحد؛ لأنَّ الآية بعمومها تتناول كل محارب، ولأنَّه في المصر أعظمُ ضرراً، فكان أولى.
قال شيخ الإِسلام -رحمه الله- في "مجموع الفتاوى"(٢٨/ ٣١٥): "بل