للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا تأصيلاً لإِلغاء مقتضى الكتاب والسُّنة. والله -تعالى- أعلم.

ثم قال ابن القيّم -رحمه الله- (١): "وإِذا جاز تحريق متاع الغالِّ، لكونه تعدى على المسلمين في خيانتهم في شيء من الغنيمة، فلأَنْ يحرق ماله، إِذا حَرَق مال المسلم المعصوم أولى وأحرى.

وإِذا شرعت العقوبة المالية في حق الله الذي مسامحته به أكثر من استيفائه، فلأَنْ تُشرع في حقّ العبد الشحيح أولى وأحرى، ولأن الله -سبحانه- شرع القِصاص؛ زجراً للنفوس عن العدوان، وكان من الممكن أن يوجب الدية استدراكاً لظلامة المجني عليه بالمال، ولكن ما شرعه أكمل، وأصلح للعباد، وأشفى لغيظ المجني عليه، وأحفظ للنفوس والأطراف، وإِلا فمن كان في نفسه من الآخر؛ من قتله أو قطع طرفه، قتَله أو قطعَ طرفه، وأعطى ديته، والحكمة، والرحمة، والمصحلة تأبى ذلك، وهذا بعينه موجود في العدوان على المال.

فإِن قيل: فهذا ينجبر بأن يعطيه نظير ما أتلفه عليه. قيل: إِذا رضي المجني عليه بذلك، فهو كما لو رضي بدية طرفه، فهذا هو محض القياس، وبه قال الأحمدان؛ أحمد بن حنبل، وأحمد بن تيمية.

قال في رواية موسى بن سعيد: وصاحب الشيء يخيّر؛ إِن شاء شقّ الثوب، وإِنْ شاء أَخَذ مثله".

ضمان المِثل:

عن أنس -رضي الله عنه- قال: "كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عند بعض نسائِه، فأرسَلتْ إِحدى أُمّهاتِ المؤْمنين بصَحْفَةٍ فيها طعام، فضرَبتِ التي النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -


(١) انظر "إِعلام الموقعين" (١/ ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>