مفاسد يبكي لها الإِسلام، منها اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكُفّار للأصنام، وعَظُم ذلك، فظنّوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الضرر، فجعلوها مقصداً لطلب قضاء الحوائج، وملجأً لنجاح المطالب، وسألوا منها ما يسأله العباد من ربّهم، وشدُّوا إِليها الرحال وتمسحوا واستغاثوا.
وبالجملة: إِنّهم لم يَدَعُوا شيئاً ممّا كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إِلا فعلوه! فإِنّا لله وإنا إِليه راجعون!
ومع هذا المنكر الشنيع والكفر الفظيع؛ لا نجد من يغضب لله، ويغار حميّة للدين الحنيف، لا عالماً ولا مُتعلماً، ولا أميراً ولا وزيراً ولا ملكاً، وقد توارد إِلينا من الأخبار ما لا يُشّك معه أنّ كثيراً من هؤلاء القُبوريين أو أكثرهم -إِذا توجّهت عليه يمين من جهة خصْمِه- حلف بالله فاجراً، فإِذا قيل له بعد ذلك: احلِف بشيخك ومعتقدك الوليّ الفلاني! تلعثم وتلكأ وأبى واعترف بالحقّ!
وهذا من أبين الأدلة الدالة على أنّ شركهم قد بلغ فوق شرك من قال:
إِنّه -تعالى- ثاني اثنين، أو ثالث ثلاثة (١).
فيا عُلماء الدين! ويا ملوك المسلمين! أيُّ رُزْءٍ للإِسلام أشدُّ من الكفر؟! وأيُّ بلاء لهذا الدين أضرُّ عليه من عبادة غير الله؟! وأيّ مصيبة يُصاب بها
(١) وهذا هو قول أهل السّنة والجماعة: أن المرء يكفُر بالفعل، وأنّ الفعل بذاته كُفر يدلّ على كُفر الباطن، لا كما تقوله المرجئة: أن الفعل ليس بكفر، لكنهَ يدلّ على كفر الباطن! وهذا من نقولات شيخنا -رحمه الله- القديمة التي تدلّ على نقضه عقيدة المرجئة وسائر العقائد الباطلة ونَصْرِه عقيدةَ السلف الصالح ومنهجهم، فرَحمه الله -تعالى- وجمعنا به مع النبيّين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسُن أولئك رفيقاً.