وكنتُ قديماً أرى أنَّ الحيض هو الدَّم الأسود فقط، لظاهر حديث فاطمة بنت حبيش -رضي الله عنها- المذكور في الكتاب، ثمَّ بدا لي وأنا أكتب هذه التعليقات؛ أنَّ الحقَّ ما ذكَره السيد سابق: أنَّه الحُمرة والصُّفرة والكُدرة أيضاً قبل الطهر؛ لهذا الحديث وشاهده، وبدا لي أيضاً أنَّه لا يعارضهما حديث فاطمة؛ لأنه وارد في دم الاستحاضة التي اختلط عليها دم الحيض بدم الاستحاضة، فهي تُميِّز بين دم الاستحاضة ودم الحيض بالسَّواد، فإِذا رأته تركَت الصَّلاة، وإِذا رأت غيره صلَّت، ولا يَحتَمل الحديث غير هذا، والله أعلم".
وجاء في "المحلّى"، (٢/ ٢٢٩): "وقال أبو حنيفة وسفيان الثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإِسحاق وعبد الرحمن بن مهدي: الصّفرة والكُدرة في أيّام الحيض حيض، وليست في غير أيّام الحيض حيضاً.
وقال اللَّيث بن سعد: الدَّم والصُّفرة والكُدرة في غير أيام الحيض ليس شيء من ذلك حيضاً، وكلّ ذلك في أيام الحيض حيض".
جاء في "المغني" (١/ ٣٤٩): "والصُّفرة والكُدرة في أيَّام الحيض من الحيض؛ يعني إِذا رأت في أيام عادتها صُفرة أو كُدرة فهو حيض، وإنْ رأته بعد أيام حيضها لم يُعتدَّ به؛ نصَّ عليه أحمد وبه قال يحيى الأنصاري وربيعة ومالك والثوري والأوزاعي وعبد الرحمن بن مهدي والشافعي وإسحاق".
مدَّته:
اختلف العلماء في أقلِّه وأكثره، فمِن قائل: أقلّ الحيض يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يوماً، وقد رُوي هذا عن عطاء بن أبي رباح وأبي ثور، وروي عن