للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[جواز تكفين الجماعة في الكفن الواحد عند الضرورة:]

وإذا قلَّت الأكفان، وكثرت الموتى؛ جاز تكفين الجماعة منهم في الكفن الواحد، ويقدَّم أكثرهم قرآناً إِلى القبلة؛ لحديث أنس: "لمّا كان يومُ أُحُد؛ مرّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بحمزة بن عبد المطلب، وقد جُدِعَ ومُثِّل به، فقال: لولا أن تجد صفيّة [في نفسها!] تركته [حتى تأكُله العافية]، حتى يحشره الله من بطون الطير والسّباع!

فكفّنه في نَمِرَة، [وكانت] إِذا خُمَّرَ رأسه بدت رجلاه، وإذا خُمِّرت رجلاه بدا رأسه، فخُمّر رأسه، ولم يُصَلِّ على أحد من الشهداء غيرهُ. وقال: أنا شاهد عليكم اليوم، [قال: وكثرت القتلى، وقلّت الثياب، وقال:] وكان يَجْمَعُ الثلاثة والاثنين في قبر واحد، ويسأل: أيُّهُم أكثر قرآناً، فيقدِّمه في اللحد، وكفّن الرجلين والثلاثة في الثوب الواحد" (١).

وفي رواية قال: "أتى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على حمزة يوم أُحد، فوقف عليه، فرآه قد مُثِّل به، فقال: لولا أن تجد صفية في نفسها؛ لتركته حتى تأكله العافية (٢)، حتى يحشر يوم القيامة من بطونها، قال: ثمّ دعا بنَمِرة فكفّنه فيها، فكانت إِذا مُدَّت على رأسه بدت رجلاه، وإذا مُدت على رجليه بدا رأسه.

قال: فكثر القتلى، وقَلَّتْ الثياب.


(١) أخرجه الترمذي "صحيح سنن الترمذي" (٨١١).
(٢) العافية: كلُّ طالب رزق من إِنسان أو بهيمة أو طائر، وجمْعها العوافي.
والمراد هنا: السّباع والطيور التي تأكل الجِيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>