للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقل -رحمه الله- جواز هذا عن الأئمة الأربعة وجمهور العلماء (١).

أخذ النفقة في الحجّ عن الميت:

قال شيخ الإِسلام -رحمه الله: "حقيقة الأمر في ذلك: أن الحاج يستحب له ذلك إِذا كان مقصوده أحد شيئين: الإِحسان إِلى المحجوج عنه، أو نفس الحج لنفسه.

وذلك أن الحج عن الميت إِن كان فرضاً؛ فذِمَّته متعلقة به، فالحج عنه إِحسان إِليه بإِبراء ذمته؛ بمنزلة قضاء دينه؛ كما قال النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للخثعمية: "أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيتيه؛ أكان يجزي عنه؟ قالت: نعم.

قال: فالله أحقّ بالقضاء"، وكذلك ذكر هذا المعنى في عدة أحاديث، بين أنّ الله -لرحمته وكرمه- أحق بأن يقبل قضاء الدين عمن قضي عنه، فإِذا كان مقصود الحاج قضاء هذا الدين الواجب عن هذا، فهذا مُحسن إليه، والله يحب المحسنين؛ فيكون مستحبّاً، وهذا غالباً إِنما يكون لسببٍ يبعثه على الإِحسان إِليه، مِثل رَحِم بينهما، أو مودةٍ وصداقة، أو إِحسان له عليه يجزيه به، ويأخذ من المال ما يستعين به على أداء الحج عنه، وعلامة ذلك أن يطلب مقدار كفاية حجِّه، ولهذا جوّزنا نفقة الحج بلا نزاع، وكذلك لو وصى بحجة مستحبة، وأحب إِيصال ثوابها إِليه.

والموضع الثاني: إِذا كان الرجل مُؤْثراً أن يحج؛ محبةً للحج وشوقاً إِلى المشاعر، وهو عاجز؛ فيستعين بالمال المحجوج به على الحجّ، وهذا قد يُعطى المال ليحجَّ به لا عن أحد، كما يعطى المجاهد المال ليغزو به، فلا شبهة فيه، فيكون


(١) وانظر "مجموع الفتاوى" (٢٦/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>