للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحمَلوا ما ورَد من ذلك إِمّا على غير المثمر وإِمّا على أن الشجر الذي قُطع في قصة بني النضير كان في الموضع الذي يقع فيه القتال، وهو قول الأوزاعي والليث وأبي ثور.

وقال أيضاً (٦/ ١٥٥): "وقد ذهب الجمهور إِلى جواز التحريق والتخريب في بلاد العدو، وكرهه الأوزاعي والليث وأبو ثور، واحتجوا بوصية أبي بكر لجيوشه أن لا يفعلوا شيئاً من ذلك.

وأجاب الطبري بأن النهي محمول على القصد لذلك؛ بخلاف ما إِذا أصابوا ذلك في خلال القتال؛ كما وقع في نصب المنجنيق على الطائف، وهو نحو ما أجاب به في النهي عن قتل النساء والصبيان، وبهذا قال أكثر أهل العلم، ونحو ذلك القتل بالتغريق.

وقال غيره: إِنما نهى أبو بكر جيوشه عن ذلك لأنه علم أن تلك البلاد ستُفتح فأراد إِبقاءها على المسلمين. والله أعلم". انتهى.

والذي يترجّح لديَّ أن الحرق والقطع ونحوهما جائز بنصّ الكتاب والسُّنة، والأمر يرجع إِلى الحاكم في الفِعل أو الترك، فإِنْ رأى مصلحةً في مرحلةٍ ما في حرق الزروع والثمار - ومثل ذلك هدم مؤسسات ومبانٍ فعل ذلك، وإِنْ رجّح الاستفادة منها لنصرٍ يرجوه، ولم يرَ فائدة منْ قطْعها وحرْقها لم يفعل.

أمّا أبو بكر -رضي الله عنه- فإِنه لم يفُته دليل الكتاب والسُّنة، ولكن لا يخفى أنّ الدليل يدل على المشروعية، والمشروعية قد تكون ركناً أو واجباً، أو مندوباً أو مستحباً.

وقد كان موقف أبي بكر -رضي الله عنه- لمصلحةٍ رآها جمْعاً بين النصوص؛

<<  <  ج: ص:  >  >>