للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برقم (٧٨١ - ٧٨٩)؛ لأنّ المقصود بهما إِثبات العدوى، وأنها تنتقل بإِذن الله - تعالى- من المريض إِلى السليم، والمراد بتلك الأحاديث نفي العدوى التي كان أهل الجاهلية يعتقدونها، وهي انتقالها بنفسها دون النظر إِلى مشيئة الله في ذلك؛ كما يرشد إِليه قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للأعرابي: "فمن أعدى الأول؟ " (١)

فقد لفَت النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نظر الأعرابي بهذا القول الكريم إِلى المسبِّب الأول؛ ألا وهو الله -عزّ وجلّ- ولم ينكر عليه قوله: "ما بال الإِبل تكون في الرّمل كأنها الظباء، فيخالطها الأجرب فيجربها"؟! بل إِنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أقره على هذا الذي كان يشاهده، وإنما أنكر عليه وقوفه عند هذا الظاهر فقط بقوله له: "فمن أعدى الأوّل؟! ".

وجملة القول: أنّ الحديثين يثبتان العدوى، وهي ثابتة تجربةً ومشاهدةً،


(١) والحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: إِنّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا عدوى ولا صَفَر ولا هامة"، فقال أعرابي: يا رسول الله! فما بال إِبلي تكون في الرَّمل؛ كأنها الظِّباء، فيأتي البعير الأجرب فيدخل بينها فيجربها؟ فقال: فمن أعدى الأول؟! " أخرجه البخاري: ٥٧١٧، ومسلم: ٢٢٢٠.
والطِّيَرة: التشاؤُم بالشيء؛ وانظر تفصيل الشرح -إِن شئت- في كتابي "شرح صحيح الأدب المفرد" (٣/ ٣٩)، وجاء في "النهاية" في شرح كلمة صَفَر:
"كانت العرب تزعم أن في البطن حيّة يقال لها: الصَّفر، تصيب الإِنسان إِذا جاع وتؤذيه، وأنها تُعدي، فأبطل الإِسلام ذلك. وقيل: أراد به النسيء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، وهو تأخير المحرَّم إِلى صَفَر، ويجعلون صَفر هو الشهر الحرام، فأبطله".
والهامة: الرأس، واسم طائر، وهو المراد في الحديث، وذلك أنّهم كانوا يتشاءمون بها، وهي من طير الليل. "النهاية" أيضاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>