للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعاوية حَكَمَين، قال معمر: بلغني أنَّ عثمان بعَثَهما وقال لهما: إِنْ رأيتما أنْ تجمعا جمعتما، وإِنْ رأيتما أن تُفرِّقا فرقتما".

وساق كذلك بإِسناد عبد الرزاق إِلى عَبِيدَةَ قال: "شهدت علياً وجاءته امرأة وزوجها، مع كل واحد منهما فئام من الناس، فأخرج هؤلاء حكَماً وهؤلاء حكَماً، فقال علي للحَكَمين: أتدريان ما عليكما؟ إِنَّ عليكما إِن رأيتما أن تجمعا، جمعتما. فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله لي وَعَلَيَّ. وقال الزوج: أمّا الفرقة فلا. فقال علي: كذبْتَ، والله لا تبرح حتى ترضى بكتاب الله -عزَّ وجلَّ- لك وعليك".

ثمّ قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: "وقال الحسن البصري: الحَكَمان يَحْكُمان في الجمع ولا يحكمان في التفريق؛ وكذا قال قتادة، وزيد بن أسلم، وبه قال أحمد بن حنبل، وأبو ثور، وداود، ومأخذهم قوله -تعالى-: {إِنْ يريدا إِصلاحاً يوفِّق الله بينهما} ولم يذكر التفريق.

وأمّا إِذا كانا وكيلين من جهة الزوجين، فإِنه ينفَّذ حُكمهما في الجمع والتفرقة بلا خلاف.

وقد اختلف الأئمة في الحَكَمين: هل هما منصوبان من عند الحاكم، فيحكمان وإِن لم يرض الزوجان، أو هما وكيلان من جهة الزوجين؟ على قولين: فالجمهور على الأول، لقوله -تعالى-: {فابعثوا حكَماً من أهله وحكَماً من أهلها} فسمَّاهما حَكَمين، ومن شأن الحَكَم أن يَحْكُم بغير رضا المحكوم عليه، وهذا ظاهر الآية، والجديد من مذهب الشافعي، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>