للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خبيراً} (١). قال ابن كثير -رحمه الله- في "تفسيره" (٢): "ذكر -تعالى- الحال الأول، وهو إِذا كان النفور والنشوز من الزوجة؛ ثمّ ذكَر الحال الثاني وهو: إِذا كان النفور من الزوجين فقال -تعالى-: {وإِنْ خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكَماً من أهله وحكَماً من أهلها}.

قال الفقهاء: إِذا وقَع الشقاق بين الزوجين، أسكنهما الحاكم إِلى جنب ثقة، ينظر في أمرهما، ويمنع الظالم منهما من الظلم، فإِنْ تفاقم أمرُهما وطالت خصومتهما، بعَث الحاكم ثقة من أهل المرأة وثقة من قوم الرجل، ليجتمعا وينظرا في أمرهما، ويفعلا ما فيه المصلحة مما يريانه من التفريق أو التوفيق.

وتشوّف الشارع إِلى التوفيق؛ ولهذا قال -تعالى-: {إِنْ يريدا إِصلاحاً يوفق الله بينهما} (٣).

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أمَر الله -عزّ وجلّ- أن يبعثوا رجلاً صالحاً من أهل الرجل، ورجلاً مِثله من أهل المرأة، فينظران أيهما المسيء، فإِن كان الرجل هو المسيء، حجبوا عنه امرأته وقَصَروه على النفقة، وإنْ كانت المرأة هي المسيئة، قَصَروها على زوجها ومنعوها النفقة. فإِن اجتمع رأيهما على أن يُفَرِّقا أو يَجمَعا؛ فأمرهما جائز ... ".

ثم ساق بإِسناد عبد الرزاق إِلى ابن عباس -رضي الله عنه- قال: "بُعِثتُ أنا


(١) النساء: ٣٥.
(٢) بتصرّف.
(٣) قال البغوي -رحمه الله- في "تفسيره": " {يوفق الله بينهما}: يشتمل على الفراق وغيره؛ لأنَّ التَّوفيق أنْ يخرج كلُّ واحدٍ منهما من الوِزر، وذلك تارة يكون بالفراق، وتارةً بِصلاح حالِهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>