وجاء (ص ٢٦٤) منه: "وهذا القول أصحّ الأقوال، وأشبهها بأصول الشريعة، ودلالة الكتاب والسنَّة، وهو قياس أصول أحمد وغيره، فإِنّ الله رفع المؤاخذة عن الناسي، والمخطئ، وهذا مخطئ.
وقد أباح الله الأكل والوطء حتى يتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، واستحبَّ تأخير السّحور، ومن فعل ما ندب إِليه، وأُبيح له، لم يفرّط فهذا أولى بالعذر من الناسي، والله أعلم".
وقال الحافظ رحمه الله- في "الفتح"(٤/ ٢٠٠) -بحذف-: "وقد اختلف في هذه المسألة فذهب الجمهور إِلى إِيجاب القضاء ... وجاء ترك القضاء عن مجاهد والحسن، وبه قال إِسحاق وأحمد في رواية.
قال ابن خزيمة -رحمه الله- في "صحيحه" (٣/ ٢٣٩): "ليس في هذا الخبر أنّهم أمروا بالقضاء، وهذا من قول هشام: بدٌّ من ذلك، لا في الخبر، ولا يُبيّن عندي أنّ عليهم القضاء، فإِذا أفطروا والشمس عندهم قد غربت، ثمّ بان أنها لم تكن غَرَبت؛ كقول عمر بن الخطاب: والله ما نقضي ما يجانفنا من الإِثم".
وسألت شيخنا -رحمه الله- قائلاً: إذا أكل ظانّاً غروب الشمس فظهر خلاف ذلك، أو ظنَّ عدم طلوع الفجر. فقال -رحمه الله-: "إِذا كان معذوراً في ظنّه فلا يعدُّ مُفطراً". انتهى.
قلت: والراجح عدم القضاء -والله تعالى أعلم- لِمَا وردَ عن السلف من آثارٍ في ذلك، فإِنْ كان بالنقل فهم أولى، وإن كان بالرأي فرأيهم خير من رأي سواهم (١).