للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فما أستطيع" كما هو في حياته.

فلمن كان في مثل حال عائشة -رضي الله عنها- من الشُّغل، مِمّا يعذرها ولا تستطيع معه القضاء، نقول: لا بأس لا بأس!

وفي حديث جابر -رضي الله عنه- قال: "مرّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - برجل يقلِّب ظهره لبطنه، فسأل عنه؟ فقالوا: صائم يا نبي الله! فدعاه فأمره أنْ يفطر فقال: أما يكفيك في سبيل الله، ومع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى تصوم؟! " (١).

وهكذا لأمَ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذلك الصحابي الذي كان يعاني من مشقة الصيام، على صومه، قائلاً: أما يكفيك في سبيل الله، ومع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى تصوم؟! وتأجيل عائشة من هذا الباب ... ومع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " -والله تعالى أعلم-.

ثمّ إِنّ هذا يدخل في مسألة أعمّ من هذه وهي: "ما حُكم أداء ما يتوجّب من الحقوق المتعلّقة بالله -سبحانه- أو العباد؟ أعلى الفور أمْ على التراخي؟ ".

ويطول الكلام في هذا، وحسْبنا قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مطل (٢) الغني ظُلم" (٣).

وعن عمرو بن الشريد عن أبيه عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لَيّ (٤) الواجد (٥)


(١) أخرجه أحمد وإسناده صحيح على شرط مسلم، وانظر "الصحيحة" (٢٥٩٥)، وتقدّم.
(٢) أي: تسويف القادر المتمكّن من أداء الدين الحالّ.
(٣) أخرجه البخاري: ٢٢٨٧، ومسلم: ١٥٦٤.
(٤) جاء في "الفيض" (٥/ ٤٠٠): "الليّ: المطل، أصْله لوى فأدغمت الواو في الياء".
(٥) الواجد: الغني من الوُجد -بالضمّ- بمعنى السِّعة والقدرة، ويُقال: وجَد المال وجْداً أي: استغنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>