للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهب الشافعي، لأنّ ذلك أفضل العبادات، ونفْعه يتعدّى، فكان أولى مِن ترْكه كالصلاة.

واحتجّ أصحابنا بأنّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يعتكف، فلم يُنقَل عنه الاشتغال بغير العبادات المختصَّة به، ولأنّ الاعتكاف عبادة من شرطها المسجد، فلم يُستحبّ فيها ذلك؛ كالطواف (١) انتهى".

وسألتُ شيخنا -رحمه الله- عن هذا.

فقال: "الاعتكاف عبادة محضة، فنحن لا نرى هذا؛ كما ننكر على الأئمّة في شهر رمضان مِن فصْلهم الصلاة وإنشاء استراحة؛ تتخلّلها موعظة أو درس، وهذا كقول القائل: "تقبّل الله" لمن صلّى، فهذه زيادة لم تكن في عهد النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا السلف.

والاعتكاف عبادة محضة؛ صلاة -ورسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "الصلاة خير موضوع فمن استطاع أن يستكثر فليستكثر- (٢) وتلاوة قرآن ... إِلخ".

قال ابن قدامة -رحمه الله- في "المغني" (٣/ ١٤٩) -بتصرف يسير-:


(١) ثمّ أتمّ -رحمه الله- قوله: "وما ذكروه يبطُل بعيادة المرضى وشهود الجنازة، فعلى هذا القول؛ فِعْله لهذه الأفعال أفضل من الاعتكاف".
قلت: وفي هذا الكلام نظر؛ لأنّ ما ذكروه يبطُل بالجماع كذلك، فهل هو خيرٌ من الاعتكاف في كلّ الأحوال؟
وكذلك ما ذكروه يُبطل بالخروج لغير سبب، فهل هذا أيضاً أفضل من الاعتكاف!
ولا يُقال باستحباب المناظرات والتدريس في المعتكف، ونحو ذلك؛ لأنّ لللمعتكِف أن يختار أجر المناظرات والتدريس أو الاعتكاف.
(٢) أخرجه الطبراني في "الأوسط" وقال شيخنا -رحمه الله- في "صحيح =

<<  <  ج: ص:  >  >>