للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية: "زمّلوهم بدمائهم" (١).

ويُستحبُّ تكفينه بثوب واحد أو أكثر فوق ثيابه، كما فعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمصعب بن عمير وحمزة بن عبد المطلب كما تقدّم.

وكذلك ما ثبت عن شدّاد بن الهاد: أن رجلاً من الأعراب جاء إِلى النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فآمن به واتّبعه، ثمّ قال: أُهاجِر معك، فأوصَى به النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بعض أصحابه، فلمّا كانت غزوة [خَيْبَر] غنم النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيئاً؛ فقسم وقَسَم له، فأعطى أصحابه ما قَسم له، وكان يرعى ظهرهم، فلمّا جاء دفعوه إِليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: قِسم قَسَمه لك النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

فأخذه فجاء به إِلى النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: ما هذا؟ قال: قَسَمتُه لك، قال: ما على هذا اتبعتك، ولكني اتبعتك على أنْ أُرمى إِلى هاهُنا، وأشار إِلى حلقه بسهم فأموت، فأدخُل الجنة! فقال: إِنْ تصدُق الله يصدُقْك.

فلبثوا قليلاً، ثمّ نهضوا في قتال العدو، فأتي به النّبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يُحمل قد أصابه سهم حيث أشار، فقال النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَهُوَ هُو؟! قالوا: نعم! قال: صَدَقَ الله فصدقه ثمّ كفَّنه النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، في جبَّة النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثمّ قدّمه فصلى عليه، فكان فيما ظهر من صلاته: اللهمّ هذا عبْدك، خرج مُهاجراً في سبيلك، فقتل شهيداً، أنا شهيدٌ على ذلك" (٢).


(١) أخرجه النسائي "صحيح سنن النسائي" (١٨٩٢).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"، والنسائي "صحيح سنن النسائي" (١٨٤٥) وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>