للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه" (١)

وسألت شيخنا -رحمه الله- عن تعزية الذّمي إِذا أَمِنَ المعزّي الفتنة؟

فقال: "نعم يجوز، ويضاف إِلى ذلك: أحسن التعزية".

يريد شيخنا: يجوز للمرء أن يعزّي الذمّي إِذا أمِن الفتنة وأحسَن التعزية.

لكن قرأت في "أحكام الجنائز" (ص ١٦٩) كلاماً له -رحمه الله- يقول فيه -بعد حديث: "اذهب فواره"-: ومن الملاحظ في هذا الحديث أنّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يُعزِّ علياً بوفاة أبيه المشرك، فلعله يصلح دليلاً لعدم شرعية تعزية المسلم بوفاة قريبه الكافر، فهو -من باب أولى- دليلٌ على عدم جواز تعزية الكفار بأمواتهم أصلاً".

ثمّ ذكّرني أخي عمر الصادق -حفظه الله تعالى- بفائدة ذكَرها شيخنا - رحمه الله- في "صحيح الأدب المفرد" (٨٤٧/ ١١١٢) وهو تقييده جواز تعزية الكافر بأن لا يكون حربياً عدواً للمسلمين، فقد قال -رحمه الله- بعد إِيراد أثر عُقبة بن عامر الجُهني -رضي الله عنه-: "أنّه مرَّ برجل هيئته هيئة مسلم، فسلَّم فردَّ عليه: وعليك ورحمة الله وبركاته، فقال له الغلام: إِنّه نصراني! فقام عقبة فتبعه حتى أدركه فقال: إِنَّ رحمة الله وبركاته على المؤمنين، لكن أطال الله حياتك، وأكثر مالك وولدك" (٢).


(١) أخرجه مسلم: ٩٢٠، وتقدّم بتمامه.
(٢) أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (١١١٢)، وحسن شيخنا -رحمه الله- إِسناده في "الإِرواء" (١٢٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>