بعد موتهما بدون وصيّة منهما، ويصل إِليهما ثوابها، فيخصّص بهذه الأحاديثِ عمومُ قوله -تعالى-: {وأنْ ليس للإِنسان إِلا ما سعى}، ولكن ليس في أحاديث الباب إِلا لحوق الصدقة من الولد، وقد ثبت أنّ ولد الإِنسان من سعيه، فلا حاجة إِلى دعوى التّخصيص، وأمّا من غير الولد؛ فالظاهر من العموميّات القرآنية أنه لا يصل ثوابه إِلى الميت، فيوقف عليها، حتى يأتي دليل يقتضي تخصيصها".
قلت أي: شيخنا -رحمه الله-: "وهذا هو الحق الذي تقضيه القواعد العلمية: أنّ الآية على عمومها، وأن ثواب الصدقة وغيرها يصل من الولد إِلى الوالد؛ لأنّه من سعيه؛ بخلاف غير الولد".
وقال -رحمه الله- (ص ٢٢٢): "وإذا كان من المسلَّم به عند أهل العلم: أنّ لكلّ عقيدة أو رأي يتبناه أحد في هذه الحياة أثراً في سلوكه -إِن خيراً فخير؛ وإن شرّاً فشّر-؛ فإِن من المُسَلّم به أيضاً: أنّ الأثر يدلُّ على المُؤثّر، وأنّ أحدهما مرتبط بالآخر -خيراً أو شراً كما ذكرنا-، وعلى هذا؛ فلسنا نشكُّ أنّ لهذا القول أثراً سيئاً في من يحمله أو يتبناه، من ذلك مثلاً: أنّ صاحبه يتّكل في تحصيل الثواب والدرجات العاليات على غيره؛ لعلمه أنّ الناس يُهدون الحسنات مئات المرّات في اليوم الواحد إِلى جميع المسلمين: الأحياء منهم والأموات، وهو واحد منهم، فلماذا لا يستغني حينئذ بعمل غيره عن سعيه وكسْبه؟!
ألست ترى -مثلاً- أنّ بعض المشايخ الذين يعيشون على كسْب تلامذتهم لا يَسْعَوْن بأنفسهم ليَحْصُلوا على قوت يومهم بعرق جبينهم وكَدِّ يمينهم؟!