للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - عُموم قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " .. فزوروا القبور"؛ فيدخل فيه النساء، وبيانه: أنّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما نهى عن زيارة القبور في أوّل الأمر؛ فلا شك أنّ النهي كان شاملاً للرجال والنساء معاً، فلمّا قال: "كُنتُ نهيتكم عن زيارة القبور"؛ كان مفهوماً أنّه كان يعني الجنسين؛ ضرورةَ أنّه يخبرهم عمّا كان في أول الأمر من نهي الجنسين.

فإِذا كان الأمر كذلك؛ كان لزاماً أنّ الخطاب في الجملة الثانية من الحديث - وهو قوله: "فزوروها"-؛ إِنّما أراد به الجنسين أيضاً.

ويؤيده أنّ الخطاب في بقية الأفعال المذكورة في زيادة مسلم في حديث بُريدة المتقدّم آنفاً:

"ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث؛ فأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النّبيذ إِلا في سقاءٍ؛ فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكراً".

أقول [أي: شيخنا -رحمه الله-]: فالخطاب في جميع هذه الأفعال موجّه إِلى الجنسين قطعاً، كما هو الشأن في الخطاب الأوّل: "كنت نهيتكم"؛ فإِذا قيل بأنّ الخطاب في قوله: "فزوروها" خاصٌّ بالرجال؛ اختل نظام الكلام وذهبت طراوته! الأمر الذي لا يليق بمن أوتي جوامع الكلم. ويزيده تأييداً الوجوه الآتية:

٢ - مُشاركتهنّ الرجالَ في العلّة التي من أجلها شُرعت زيارة القبور: "فإِنها تُرِقُّ القلبِ وتدمع العين، وتُذكّر الآخرة" (١).

٣ - أنّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد رخص لهن في زيارة القبور في حديثين حَفِظْتهما لنا


(١) أخرجه الحاكم بسند حسن، وانظر "أحكام الجنائز" (ص ٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>