للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النّووي -رحمه الله- في موطن آخر (١): "وهو حديث صحيح كما سبق بيانه قريباً؛ فهذا صريح في أنَّهما ليستا من الرّأس، إِذ لو كانتا منه؛ لما أخذ لهما ماءً جديداً كسائر أجزاء الرّأس، وهو صريح في أخذ ماء جديد، فيحتجّ به أيضاً على من قال: يمسحمها بماء الرّأس ... ".

قال شيخنا -حفظه الله-: "ولا حُجّة فيه على ما قالوا؛ إِذ غاية ما فيه مشروعيّة أخذ الماء لهما، وهذا لا ينافي جواز الاكتفاء بماء الرّأس؛ كما دلَّ عليه الحديث، فاتّفقا ولم يتعارضا.

ويؤيد ما ذكرتُ: أنَّه صحّ عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أنَّه مسح برأسه من فضل ماءٍ كان في يده".

رواه أبو داود في "سننه" بسند حسن كما بيّنته في "صحيح سننه" (١٢١)، وله شاهد من حديث ابن عباس في "المُستدرك" (١/ ١٤٧) بسند حسن أيضاً، ورواه غيره؛ فانظر: "التلخيص الحبير" (ص ٣٣).

وهذا كلّه يُقال على فرض التّسليم بصحّة حديث عبد الله بن زيد، ولكنه غير ثابت، بل هو شاذٌّ كما ذكرت في "صحيح سنن أبي داود" (١١١)، وبيّنته في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (تحت ٩٩٥).

وجملة القول: فإِنَّه أسعد النَّاس بهذا الحديث من بين الأئمّة الأربعة أحمد ابن حنبل -رضي الله عنهم- أجمعين؛ فقد أخذ بما دلّ عليه الحديث في المسألتين، ولم يأخذ به في الواحدة دون الأخرى كما صنع غيره" (٢) أهـ.


(١) "المجموع" (١/ ٤١٤).
(٢) انظر "الصحيحة" التعليق على حديث (٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>