للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل الخبرة بها".

قلت [أي: شيخنا -رحمه الله-]: ومنه تعلم تحريم ما ترتكبه بعض الحكومات الإِسلامية من درس بعض المقابر الإِسلامية ونبشها؛ من أجل التنظيم العمراني، دون أي مبالاة بحرمتها، أو اهتمام بالنهي عن وطئها وكسر عظامها ونحو ذلك!

ولا يتوهّمنّ أحد أنّ التنظيم المشار إِليه يُسوغّ مثل هذه المُخالفات! كلا؛ فإِنّه ليس من الضّروريّات، وإنما من الكماليات التي لا يجوز بمثلها الاعتداء على الأموات، فعلى الأحياء أن يُنظِّموا أمورهم، دون أن يؤذوا موتاهم.

ومن العجائب التي تلفت النّظر: أن ترى هذه الحكومات تحترم الأحجار والأبنية القائمة على بعض الموتى أكثر من احترامها للأموات أنفسهم؛ فإِنّه لو وقف في طريق التنظيم المزعوم بعض هذه الأبنية -من القباب أو الكنائس ونحوها-؛ تركتها على حالها، وعدّلت من أجلها خارطة التنظيم؛ إِبقاءً عليها؛ لأنّهم يعتبرونها من الآثار القديمة!

وأمّا قبور الموتى أنفسهم؛ فلا تستحق عندهم ذلك التعديل! بل إِنّ بعض تلك الحكومات لتسعى -فيما علمنا- إِلى جعل القبور خارج البلدة، والمنع من الدفن في القبور القديمة؛ وهذه مخالفة أخرى في نظري؛ لأنها تُفوِّت على المسلمين سُنّة زيارة القبور؛ لأنّه ليس من السّهل على عامّة الناس أن يقطع المسافات الطويلة حتى يتمكن من الوصول إِليها، ويقوم بزيارتها والدّعاء لها!

والحامل على هذه المُخالفات -فيما أعتقد-: إِنّما هو التقليد الأعمى لأوروبّا الماديّة الكافرة، التي تريد أن تقضي على كلّ مظهر من مظاهر الإِيمان

<<  <  ج: ص:  >  >>