جوانب الحرم، سواء كان من جهة "الجعرانة" أو "الحديبية" أو غير ذلك، وهذا المتفق عليه بين سلف الأمة، وما أعلم فيه مخالفاً من أئمة الإِسلام في العمرة المكية.
وأمّا العمرة من الميقات: بأن يذهب إِلى الميقات فيُحرم منه، أو يرجع إِلى بلده، ثمّ يُنِشئ السفر منه للعمرة؛ فهذه ليست عمرة مكية بل هذه عمرة تامة، وليس الكلام هنا فيها.
وهذه فيها نزاع: هل المقام بمكة أفضل منها، أم الرجوع إِلى بلده أو الميقات أفضل؟ وسيأتي كلام بعض من رجح المقام بمكة للطواف على الرجوع للعمرة من الميقات.
وإِنما النزاع في أنه هل يكره للمكي الخروج للاعتمار من الحل أم لا؟ وهل يكره أن يعتمر مَنْ تشرع له العمرة -كالأفقي- في العام أكثر من عمرة أم لا؟ وهل يستحب كثرة الاعتمار أم لا؟
فأما كون الطواف بالبيت أفضل من العمرة لمن كان بمكة؛ فهذا مما لا يستريب فيه من كان عالماً بسنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وسنة خلفائه، وآثار الصحابة، وسلف الأمة وأئمتها، وذلك أن الطواف بالبيت من أفضل العبادات والقربات التي شرعها الله في كتابه وعلى لسان نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو من أعظم عبادة أهل مكة؛ أعني: من كان بمكة مستوطناً أو غير مستوطن، ومن عباداتهم الدائمة الراتبة التي امتازوا بها على سائر أهل الأمصار، وما زال أهل مكة على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وخلفائه وأصحابه -رضي الله عنهم- يطوفون بالبيت في كل وقت ويُكْثِرون ذلك ... ".