وفي "المجموع" للنووي (٨/ ٧٥) ما يدل على أنّ المسألة خلافية عند الشافعية؛ فقد قال: "إِنّ فيها وجهين: الأول -وهو الصحيح، وبه قطع الجمهور-: أنها لا تسعى؛ بل تمشي جميع السافة ليلاً ونهاراً. والوجه الئاني: أنها إِن سعت في الليل حال خلو المسعى؛ استحب لها السعي في موضع السعي كالرجل". قلت [أي: شيخنا -رحمه الله تعالى-]: ولعل هذا هو الأقرب؛ فإِن أصل مشروعية السعي إِنما هو سعي هاجر أم إِسماعيل تستغيث لابنها العطشان، كما في حديث ابن عباس: "فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً؟ فلم تر أحداً، فهبطت من الصفا حتى إِذا بلغت الوادي؛ رفعت درعها ثمّ سعت سعي الإِنسان المجهود، حتى إِذا جاوزت الوادي، ثمّ أتت المروة فقامت عليها فنظرت هل ترى أحداً؟ فلم تر أحداً، ففعلت ذلك سبع مرات، قال ابن عباس: قال النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "فذلك سعي الناس بينهما". أخرجه البخاري في (كتاب الأنبياء).