للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وما كان ربّكَ نَسِيّاً} (١)، وقد عَلِم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذ أمرَ بالمسح على الخفَّين وما يُلبس في الرجلين، ومُسِحَ على الجوربين: أنَّ من الخفاف والجوارب وغير ذلك ممَّا يُلبس على الرجلين المخرَّق خرقاً فاحشاً أو غير فاحش وغير المخرَّق، والأحمر والأسود والأبيض، والجديد والبالي، فما خصَّ -عليه السلام- بعض ذلك دون بعض، ولو كان حكمُ ذلك في الدين يختلف؛ لما أغفله الله تعالى أن يوحي به، ولا أهمَله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المفترض عليه البيان، حاشا له من ذلك، فصحَّ أنَّ حُكم المسمح على كلِّ حال، والمسح لا يقتضي الاستيعاب في اللغة التي بها خوطِبْنا.

وقال شيخ الإِسلام ابن تيمية في "اختياراته" (ص ١٣): ويجوز المسح على اللَّفائف في أحد الوجهين، حكاه ابن تميم وغيره، وعلى الخفِّ المخرَّق ما دام اسمه باقياً والمشي فيه ممكناً، وهو قديم قولَي الشافعي واختيار أبي البركات وغيره من العلماء.

قلت: ونسبه الرَّافعي في "شرح الوجيز" (٢/ ٣٧٠) للأكثريَّة، واحتجَّ له بأنَّ القول بامتناع المسح يُضيِّق باب الرخصة، فوجب أن يمسح، ولقد أصاب -رحمه الله-" (٢) اهـ.

وأخيراً أقول: إِنَّ إِيراد هذه الاشتراطات التي ليست من الدين في شيء تجعلنا نردُّ رخصة الله علينا، وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنَّ الله يحبُّ أن تؤتى رخصُه


(١) مريم: ٦٤
(٢) "إِتمام النصح في أحكام المسح" (٨٤ - ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>