للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِن الخطبة مجرد وَعْدٍ بالزواج، وليست عقداً ملزماً، والعدول عن إِنجازه حقّ من الحقوق التي يملكها كل من المتواعِدَين، ولم يجعل الشارع لإِخلاف الوعد عقوبة مادية، يجازي بمقتضاها المُخْلِف، وإنْ عَدَّ ذلك خُلقاً ذميماً، ووصَفه بأنه من صفات المنافقين، إِلا إِذا كانت هناك ضرورة ملزمة، تقتضي عدم الوفاء.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "آية المنافق ثلاث: إِذا حدّث كذب، وإِذا وعد أخلف، وإذا ائتُمِن خان" (١).

وأمّا الهدايا إذا تمّت الموافقة على الزوج، وحصَل الزواج بشروطه؛ فحُكمها حُكم الهبة، والصحيح أنّ الهبة لا يجوز الرجوع فيها إِذا كانت تبرعاً محضاً، لا لأجل العِوَض؛ *لأنّ الموهوب له -حين قَبَضَ العينَ الموهوبة- دخلت في ملكه، وجاز له التصرف فيها؛ فرجوع الواهب فيها انتزاع لملكه منه بغير رضاه، وهذا باطل شرعاً وعقلاً * (٢) [والله -تعالى- أعلم].

عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا يحل لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها، إِلا الوالد فيما يعطي ولده" (٣).


(١) أخرجه البخاري: ٣٣، ومسلم: ٥٩.
(٢) ما بين نجمتين نقَله المؤلف -رحمه الله- عن "إِعلام الموقعين" (٢/ ٣١٤).
(٣) أخرجه الترمذي "صحيح سنن الترمذي" (١٠٤٤)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه" (١٩٢٤)، والنسائي "صحيح سنن النسائي" (٣٤٥١)، وانظر "الإِرواء" (٣/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>