للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا قول من قال: إِنّ قليل الرضاع وكثيره سواء في التحريم؛ أخْذاً بإِطلاق الإِرضاع في الآية، فجوابه أنّ السنّة المطهرّة مُفصِّلة مُبيِّنة للقرآن الكريم.

وأمّا استدلالهم بحديث عقبة بن الحارث قال: "تزوجتُ امرأة، فجاءتنا امرأة سوداء فقالت: أرضعتكما! فأتيت النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلت: تزوجت فلانة بنت فلان، فجاءتنا امرأة سوداء فقالت لي: إِني قد أرضعتكما! وهي كاذبة؟! فأعرض عني، فأتيته من قِبَل وجهه؛ قلت: إِنها كاذبة! قال: كيف بها وقد زعمت أنها قد أرضعتكما؟! دعها عنك" (١).

وقولهم: إنّ ترْك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - السؤالَ عن عدد الرضعات دليل على عدم اعتبار العدد!

فجوابه؛ أنّه ينبغي حمْله على الجمع مع النصوص الأُخرى.

وأمّا قول من قال: إنّ التحريم يثبثُ بثلاث رضعات فأكثر؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا تحرِّمُ المصَّةُ والمصّتَان" (٢). وقولهم: هذا الحديث يثبت التحريم فيما زاد على ثلاث رضعات.

فجوابه أنّ ذِكْر هذا؛ على سبيل البيان وتفسير حديث الخَمْس، وهو أقوى عند أهل اللغة من قوله: "لا تُحرّم المصّة، ولا المصّتان، ولا الثلاث، ولا الأربع"؟!

قال في "فيض القدير" -بحذف-: " ... وإِلا فالتحريم بالثلاث إِنما يُؤخَذ منه بالمفهوم. ومفهوم العدد ضعيف؛ على أنه قد عارضه مفهوم حديث الخَمْس فيرجع إِلى الترجيح بين المفهومين" انتهى. ولك أن تقول: إِنّ مفهوم


(١) أخرجه البخاري: ٥١٠٤.
(٢) أخرجه مسلم: ١٤٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>