وقال شيخنا -رحمه الله- في "الإِرواء"(٤/ ٢٣٧): "تنبيه: أخرج الشيخان وغيرهما من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أنّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تزوج ميمونة وهو محرم".
قال الحافظ في "الفتح" (٤/ ٤٥): "وصحّ نحوه عن عائشة وأبي هريرة وجاء عن ميمونة نفسها أنه كان حلالاً. وعن أبي رافع مثله، وأنه كان الرسول إِليها (١). واختلف العلماء في هذه المسألة، فالجمهور على المنع لحديث عثمان (يعني: هذا)، وأجابوا عن حديث ميمونة بأنه اختلف في الواقعة كيف كانت، فلا تقوم بها الحجة، ولأنها تحتمل الخصوصية، فكان الحديث في النهي عن ذلك أولى بأن يؤخَذ به. وقال عطاء وعكرمة وأهل الكوفة: يجوز للمحرم أن يتزوج، كما يجوز له أن يشتري الجارية للوطْءِ؛ فتعقب بالتصريح فيه بقوله:(ولا يُنكح) بضم أوله. وبقوله فيه (ولا يخطُب)".
وقال الحافظ ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" (٢/ ١٠٤/١) -وقد ذكر حديث ابن عباس-:
"وقد عُدَّ هذا من الغلطات التي وقعت في "الصحيح"، وميمونة أخبرت أن هذا ما وقع، والإِنسان أعرف بحال نفسه، قالت:"تزوجني رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنا حلال بعدما رجعنا من مكة". رواه أبو داود عن موسى بن إِسماعيل نحوه:"تزوجني النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونحن حلال بِسَرِفَ".
(١) قال شيخنا -رحمه الله- في التعليق: "في إِسناد حديث أبي رافع: مطر الوراق، وهو ضعيف، وقد خالفه مالك فأرسله، كما يأتي بيانه في "النكاح"، في أول الفصل الذي يلي "باب النكاح وشروطه". رقم (١٨٤٩) ".