للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تهوى؛ فهذا هو العجَب.

وأنا أعجب من هؤلاء النّسوة اللاتي يُطِلن ألسنتهنّ خوضاً وطعناً في النّاس، وكأنّ الله -تعالى- قد أحلّ لهنّ هذا الخوض، أو كأنّ الإِجماع في تحريم الغيبة قد صار إِلى سراب؛ فأصبحت غِيبةُ المعدّدين من أفضل القُربات إِلى الله -تعالى-.

وأنا أستحلف هؤلاء النسوة بالله ربّ العالمين: هل استغفرن من هذه الذنوب؟! وهل طلبن التحلُّل ممّن طَعَنَّ فيهم أو فيهنّ؟! هل دعون لهم أو لهنّ في ظهر الغيب؟! هل تُبْن توبةً نصوحاً؟!

هل استحضَرن قول النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِني لأرى لحمه بين أنيابكما"؟!

هل استشعرن في أنفسهنّ عذاب النّار، والمُثُولَ بين يدي العزيز الجبّار؟!

هل تدبّرْن قوله -تعالى-: {يومئذٍ تُعرضون لا تَخفى منكم خافية} (١).

وهل خَشِينَ على أنفسهنّ أن تُعرض فضائحهن أمام الخلق؟!

وهل تدبّرن قوله -تعالى-: {يوم تجد كلّ نفسٍ ما عملت من خيرٍ مُحضراً وما عملت من سوء تودُّ لو أنّ بينها وبينه أمداً بعيداً} (٢)؟!

وهل خِفْن على أنفسهنّ أن يجدن ما عملن من سوء وطعنٍ في النّاس مُحضَراً؟!

كم أُشْفق على هؤلاء النسوة، وعلى ما فيهنّ من حالٍ؛ في محاربة الله ورسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -شعرْنَ أو لم يشعرن-!


(١) الحاقة: ١٨.
(٢) آل عمران: ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>