للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجاء في "سبل السلام" (٣/ ٢٣٣): "ويدلّ لاشتراط الولي ما أخرجه البخاري، وأبو داود، من حديث عروة، عن عائشة: أنها أخبرته أنّ النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء: فنكاحٌ منها نكاح النّاس اليوم، يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته فَيُصْدِقها، ثمّ ينكحها ... ثمّ قالت في آخره: فلمّا بُعث محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالحق هدَم نكَاح الجاهلية كله إِلا نكاح النّاس اليوم (١).

فهذا دالٌّ أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قرَّر ذلك النكاح المعتبر فيه الولي، وزاده تأكيداً بما قد سمعت من الأحاديث، ويدلّ له نكاحه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأم سلمة، وقولها: إِنه ليس أحد من أوليائها حاضراً، ولم يقل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أنكحي أنت نفسك، مع أنه مقام البيان. ويدل له قوله -تعالى-: {ولا تُنْكِحُوا المشركين} (٢) فإِنه خطاب للأولياء بأن لا يَنْكحوا المسلماتِ المشركين ... ".

وجاء في "الروضة الندية" (٢/ ٢٩): " ... ولا شكّ أن بعض القرابة أَدْخَلُ في هذا الأمر من بعض، فالآباء والأبناء أولى من غيرهم، ثمّ الإِخوة لأبوين، ثمّ الإِخوة لأب أو لأمّ، ثمّ أولاد البنين وأولاد البنات، ثمّ أولاد الإِخوة وأولاد الأخوات، ثمّ الأعمام والأخوال، ثمّ هكذا من بعد هؤلاء. ومن زعَم الاختصاص بالبعض دون البعض؛ فليأتنا بحُجّة، وإن لم يكن بيده إِلا مجرد أقوال من تقدمه؛ فلسنا ممن يُعَوِّل على ذلك، وبالله التوفيق".

وقال الإِمام ابن حزم -رحمه الله- في "المحلى" (١١/ ٣٥): "وأمّا قولنا: إنه لا يجوز إِنكاح الأبعد من الأولياء مع وجود الأقرب، فلأن الناس كلّهم يلتقون


(١) أخرجه البخاري: ٥١٢٧.
(٢) البقرة: ٢٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>