للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء في "سبل السلام" (١/ ١٥١): "قال الشافعي: إِنَّ كلام العرب يقتضي أنَّ الجنابة تُطلق بالحقيقة على الجماع، وإِن لم يكن فيه إِنزال؛ فإِنَّ كلَّ من خوطب بأنَّ فلاناً أجنبَ عن فلانة؛ عَقَلَ أنَّه أصابها، وإِن لم يُنْزِل.

ولم يُخْتَلَف أنَّ الزِّنى الذي يجب به الجلد هو الجماع، ولو لم يكن منه إِنزال".

ثمَّ قال -رحمه الله- بعد ذلك: "فتعاضد الكتاب والسنَّة على إِيجاب الغسل من الإِيلاج".

وكان جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم- يرون أنَّ الغُسل لا يجب إلاَّ من إِنزال؛ لحديث أبي سعيد الخُدري -رضي الله عنه- قال: خرجتُ مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم الاثنين إِلى قُباء، حتى إِذا كنَّا في بني سالم؛ وقف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على باب عِتبان فصرخ به، فخرج يجرُّ إِزاره، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أعْجَلْنا (١) الرجل". فقال عِتبان: يا رسول الله! أرأيت الرَّجل يُعْجَل عن امرأته ولم يُمْنِ؛ ماذا عليه؟ قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنَّما الماء من الماء" (٢).

غير أنَّ هذا الحديث نُسخ؛ لما نصَّ عليه أهل العلم.

فعن أُبيّ بن كعب -رضي الله عنه- قال: "إِنَّ الفُتيا التي كانوا يُفتون أنَّ


(١) أي: حمَلناه على أن يعَجل من فوق امرأته قبل فراغ حاجته من الجماع.
(٢) أخرجه مسلم: ٣٤٣، وأصله في البخاري: ١٨٠، ومعنى الماء من الماء: "أي: الاغتسال من الإِنزال، فالماء الأول معروف، والثاني المني، وفيه من البديع الجناسى التامّ"، "سبل السلام" (١/ ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>