للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَداقه لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشاً. قالت: أتدري ما النشّ؟ قال: قلت: لا. قالت: نصف أوقية: فتلك خمسمائة درهم. رواه مسلم (١) في "صحيحه". وقد تقدّم عن عمر أن صَداق بنات رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان نحواً من ذلك. فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صَداق ابنته على صَداق بنات رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة، وهنّ أفضل نساء العالمين في كل صفة: فهو جاهل أحمق. وكذلك صَداق أمهات المؤمنين، وهذا مع القدرة واليَسار. فأمّا الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يصدق المرأة إِلا ما يقدر على وفائه من غير مشقة.

والأولى فعجيل الصَّداق كله للمرأة قبل الدخول إِذا أمكن، فإِنْ قدّم البعض وأخّر البعض: فهو جائز، وقد كان السلف الصالح الطيب يرخصون الصَّداق. فتزوّج عبد الرحمن بن عوف في عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على وزن نواة من ذهب. قالوا: وزنها ثلاثة دراهم وثلث. وزوّج سعيد بن المسيب بنته على درهمين، وهي من أفضل أَيِّمِ من قريش، بعد أن خطبها الخليفة لابنه، فأبى أن يزوجها به، والذي نُقل عن بعض السلف من تكثير صَداق النّساء؛ فإِنما كان ذلك لأن المال اتسع عليهم، وكانوا يعجلون الصَّداق كلّه قبل الدخول؛ لم يكونوا يؤخرون منه شيئاً. ومن كان له يَسار ووجد، فأحب أن يعطي امرأته صَداقاً كثيرًا؛ فلا بأس بذلك، كما قال -تعالى-: {وآتيتم إِحداهنّ قِنْطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً} (٢). أمّا من يشغل ذمّته بصَداق لا يريد أن يؤديه، أو يعجز عن وفائه، فهذا مكروه، كما تقدّم. وكذلك من جعل في ذمّته صَداقاً كثيراً


(١) برقم: ١٤٢٦.
(٢) النساء: ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>