للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويصيبهم الغبار والعرق، فيخرج منهم العرق، فأتى رسولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنسانٌ منهم -وهو عندي- فقال النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لو أنَّكم تطهَّرتم ليومكُم هذا" (١).

واحتجُّوا بقولها أيضاً: "كان الناس مَهَنَةَ أنفسهم، وكانوا إِذا راحوا إِلى الجمعة، راحوا في هيئتهم، فقيل لهم: لو اغتسلتم" (٢)

قال الحافظ: "وأجيب بأنَّه ليس فيه نفيُ الوجوب، وبأنَّه سابقٌ على الأمر به والإِعلام بوجوبه ... " (٣).

قلت: وهذا الحال الذي ذَكَرَته عائشة -رضي الله عنها- والأمر الذي وصفت يؤكِّد الوجوب؛ كما هو بيِّن؛ فليس هذان النصّان فقط ممّا يُقتصر على الاستدلال بهما على الوجوب؛ ليعلَّل بإِزالة الغبار والعرق.

وإِذا كانت كلمة (لو) هي الدالَّة على الاستحباب في نظر البعض في قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لو أنّكم تطهّرتم ليومكم هذا"، فهي كما في قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لو أنَّكم تتوكَّلون على الله حقَّ توكُّله؛ لرزَقَكُمْ كما يرزُقُ الطَّير؛ تغدو خماصاً، وتروح بطاناً" (٤).


(١) أخرجه البخاري: ٩٠٢، ومسلم: ٨٤٧
(٢) أخرجه البخارى: ٩٠٣، ومسلم: ٨٤٧
(٣) "الفتح" (٢/ ٣٦٣).
(٤) أخرجه أحمد، والترمذي، وقال: "حديث حسن صحيح"، والحاكم، وقال: "صحيح الإسناد"، وأقره الذهبي.
وقال شيخنا: "بل هو صحيح على شرط مسلم؛ فإِنّ رجاله رجال الشيخين، غير ابن هبيرة وأبي تميم؛ فمن رجال مسلم وحده، وقد تابعه ابن لهيعة عن ابن هبيرة به". وانظر: "الصحيحة" (٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>