الثاني: أنه طلاقٌ مُحرَّم لازم وهو قول مالك، وأبي حنيفة، وأحمد في الرواية المتأخرة عنه، اختارها أكثر أصحابه، وهذا القول منقول عن كثير من السلف من الصحابة والتابعين، والذي قبله منقول عن بعضهم.
الثالث: أنه مُحرَّم، ولا يلزم منه إِلا طلقة واحدة، وهذا القول منقول عن طائفة من السلف والخلف من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثل الزبير بن العوَّام، وعبد الرحمن بن عوف، ويروى عن علي وابن مسعود وابن عباس القولان؛ وهو قول كثير من التابعين ومن بعدهم: مِثل طاوس وخلاس بن عمرو، ومحمد بن إِسحاق وهو قول داود وأكثر أصحابه؛ ويروى ذلك عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين وابنه جعفر بن محمد، ولهذا ذهب إِلى ذلك من ذهب من الشيعة، وهو قول بعض أصحاب أبي حنيفة، ومالك، وأحمد بن حنبل.
وأمّا القول الرابع الذي قاله بعض المعتزلة والشيعة فلا يعرف عن أحد من السلف، وهو أنه لا يلزمه شيء.
والقول الثالث هو الذي يدل عليه الكتاب والسنة؛ فإِنَّ كلَّ طلاق شرَعَه الله في القرآن في المدخول بها إِنما هو الطلاق الرجعي؛ لم يشرع الله لأحد أن يُطلِّق الثلاث جميعاً، ولم يشرع له أن يطلق المدخول بها طلاقاً بائناً، ولكن إِذا طلقها قبل الدخول بها بانت منه، فإِذا انقضت عدتها بانت منه".
وفيه (٣٣/ ٩٢): "وليس في الأدلة الشرعية: الكتاب والسنة والإِجماع والقياس ما يوجب لزوم الثلاث له، ونكاحه ثابت بيقين، وامرأته مُحرَّمة على الغير بيقين، وفي إِلزامه بالثلاث إِباحتها للغير مع تحريمها عليه وذريعة إِلى نكاح