وعن سعيد بن جبير قال:"جاء رجل إِلى ابن عباس فقال: إِني طلقت امرأتي ألفاً؟ قال: أمّا ثلاث فتحرم عليك امرأتك، وبقيتهن وزر. اتَّخذْتَ آيات الله هزواً"(١). انتهى.
قلت: وهذه الآثار في إِيقاع بعض الصحابة -رضي الله عنهم- الطَّلاق جملة واحدة؛ إِنما كانت اجتهاداً في إِمضاء العقوبة، كيلا تفشو وتشيع في النّاس، فإِيقاعها على عدد قليل تأديباً وتربية يعيد واقع الناس إِلى ما كان عليه النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر وأوَّل خلافة: عمر -رضي الله عنهما-.
وحديث النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو المقدَّم. فلا تقع هذه الألفاظ، ومع ذلك فقد ثبتَ عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أن الرجل إِذا قال: أنت طالقٌ ثلاثاً بفم واحد فهي واحدة".
جاء في "الإِرواء"(٧/ ١٢١): "قال أبو داود: وروى حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس: "إِذا قال: أنت طالق ثلاثاً بفم واحد، فهي واحدة".
ورواه إِسماعيل بن إِبراهيم عن أيوب عن عكرمة هذا قوله، لم يذكر ابن عباس، وجعله قول عكرمة".
ثمّ قال أبو داود:
"وقول ابن عباس هو أن الطلاق الثلاث تبين من زوجها مدخولاً بها وغير مدخول بها، لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، هذا مثل خبر الصرف قال فيه،
(١) أخرجه الطحاوي والدارقطني وابن أبي شيبة، وصححه شيخنا -رحمه الله- في "الإرواء" (٧/ ١٢٣).