للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنشاءه بلفظ واحد موصوف بعدد- لا يكون في دلالة الألفاظ على المعاني لغة وفي بديهة العقل إلاَّ طلقة واحدة، وأن قوله: (ثلاثاً) في الإِنشاء والإِيقاع، قول محال عقلاً، باطل لغة، فصار لغواً من الكلام، لا دلالة له على شيء في تركيب الجملة التي وضع فيها، وإنْ دلّ في نفسه على معناه الوضعي دلالة الألفاظ المفردة على معانيها. كما إِذا ألحق المتكلم بأية جملة صحيحة كلمة لا تعلُّق لها بالكلام، فلا تزيد على أن تكون لغواً باطلاً.

[وكذلك] الخلاف بين التابعين فمن بعدهم في الطلاق الثلاث ونحوه، إِنما هو في تكرار الطلاق. أعني: أن يطلق الرجل امرأته مرّة ثمّ يطلقها مرة أخرى ثمّ ثالثة؛ وأعني أيضاً: أن موضوع الخلاف هو: هل المعتدة يلحقها الطلاق؟ أي: إِذا طلقها المرة الأولى فصارت معتدة، ثمّ طلقها طلقةً ثانية في العدة؛ هل تكون طلقة واقعة ويكون قد طلقها طلقتين؛ فإِذا ألحق بهما الثالثة وهي معتدة من الأولى؛ هل تكون طلقة واقعة أيضاً ويكون قد أوقع جميع الطلقات التي له عليها وأبانها وبتّ طلاقها؟ أو أنّ المعتدة لا يلحقها الطلاق؟ فإِذا طلَّقها الطلقة الأولى كانت مطلقة منه، وهي في عدته، لا يملك عليها إلاَّ ما أَذِنه به الله: {فإِمساك بمعروف أو تسريح بإِحسان} (١) إِن ندم على الفراق راجعها فأمسكها، وإِنْ أصرّ على الطلاق فليدعْها حتى تنقضي عدتها، ثمّ يسرِّحها بإِحسان من غير مُضارّة، ثمّ هو بالنسبة إليها بعد ذلك إِنْ رغب في عودتها كغيره من الرجال: خاطِبٌ من الخٌطَّاب؟

هذا هو موضع الخلاف على التحقيق، وأمّا كلمة (أنت طالق ثلاثاً)


(١) البقرة: ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>