للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-عزّ وجلّ-: {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيمتوهنّ شيئاً إِلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإِنْ خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} (١) فقيَّد -سبحانه- حلّ الافتداء بمخافتهما ألا يقيما حدود الله.

وظاهر الآية أن الخُلع لا يجوز إِلا بحصول المخالفة منهما جميعاً، بأن يخاف الزوج أن لا يمسكها بالمعروف، وتخاف الزوجة أن لا تطيعه كما يجب عليها.

ولكنّه لمّا ثبتَ حديث ابن عباس عند البخاري وغيره (٢) ... دلّ ذلك على أنّ المخافة لعدم إِقامة حدود الله من طريقها كافية في جواز الاختلاع".

وقال ابن كثير -رحمه الله- في "تفسيره": "ثمّ قد قال طائفة كثيرة من السلف، وأئمة الخلف: إِنه لا يجوز الخُلع إِلا أنْ يكون الشقاق والنشوز من جانب المرأة، فيجوز للرجل حينئذ قَبول الفدية، واحتجوا بقوله -تعالى-: {ولا يحِلُّ لكم أن تأخذوا مما آتيتموهنّ شيئاً إِلا أن يخافا ألا يُقيما حُدود الله ... } الآية، قالوا: فلم يشرع الخُلع إِلا في هذه الحالة، فلا يجوز في غيرها إِلا بدليل، والأصل عدمه.

وممن ذهب إِلى هذا ابن عباس، وطاوس، وإبراهيم، وعطاء، والحسن، والجمهور؛ حتى قال مالك والأوزاعي: لو أخذ منها شيئاً وهو مضارّ لها وجب ردّه إِليها، وكان الطلاق رجعياً؛ قال مالك: وهو الأمر الذي أدركتُ الناس عليه.

وذهب الشافعي -رحمه الله- إِلى أنه يجوز الخُلع في حالة الشقاق، وعند


= لأمره المعرضة عنه المبغضة له -وسيأتي إِنْ شاء الله تعالى-.
(١) البقرة: ٢٢٩.
(٢) ثمّ ساق الحديث بتمامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>