للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعدّ حدود الله فأولئك هم الظلمون * فإِنّ طلّقها فلا تحل له من بعد حتّى تنكح زوجاً غيره} (١).

قال ابن عباس: فقد ذكر الله -تعالى- الفدية بعد الطلاق مرتين، ثمّ قال: {فإِنّ طلّقها فلا تحل له من بعد حتّى تنكح زوجاً غيره} وهذا يدخل في الفدية خُصوصاً، وغيرها عموماً، فلو كانت الفدية طلاقاً لكان الطلاق أربعاً. وأحمد في المشهور عنه هو ومن تقدّم اتبعوا ابن عباس".

وقال شيخ الإِسلام -رحمه الله- في "الفتاوى" (٣٢/ ٩١): " ... ولهذا ذهب كثير من السلف والخلف إِلى أن الخلع فسْخ للنكاح؛ وليس هو من الطلقات الثلاث، كقول ابن عباس، والشافعي وأحمد في أحد قوليهما لأن المرأة افتدت نفسها من الزوج كافتداء الأسير؛ وليس هو من الطلاق المكروه في الأصل، ولهذا يباح في الحيض؛ بخلاف الطلاق. وأمّا إِذا عدل هو عن الخلع وطلقها إِحدى الثلاث بعِوَض فالتفريط منه".

وقال ابن القيّم -رحمه الله- في "زاد المعاد" (٥/ ١٩٦): "وفي أمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المختلعة أن تعتدَّ بحيضة واحدة دليل على حُكمين: أحدهما (٢): أنه لا يجب عليها ثلاث حيض، بل تكفيها حيضةٌ واحدة.

وهذا كما أنه صريحُ السنة، فهو مذهب أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، والرُّبَيِّع بِنْت مُعوّذ، وعمها وهو من كبار


(١) البقرة: ٢٢٩ - ٢٣٠.
(٢) لم أجِد كلمة ثانيهما أو ما في معناها فلعلّ فِعلَه مضمنٌ في السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>