أينكحِها؟ قال ابن عباس: نعم، ذكَر الله الطلاق في أوّل الآية وآخرها، والخلع بين ذلك.
وإذا كانت أحكام الفدية غير أحكام الطلاق، دلّ على أنها من غير جنسه، فهذا مقتضى النصّ، والقياس، وأقوال الصحابة، ثمّ مَن نَظر إِلى حقائق العقود ومقاصدها دون ألفاظها؛ يَعُدُّ الخُلع فسخاً بأي لفظ كان حتى بلفظ الطلاق، وهذا أحدُ الوجهين لأصحاب أحمد، وهو اختيار شيخنا، قال: وهذا ظاهر كلام أحمد، وكلام ابن عباس وأصحابه.
قال ابن جريج: أخبرني عمرو بن دينار، أنه سمع عكرمة مولى ابن عباس يقول: ما أجازه المال، فليس بطلاق. قال عبد الله بن أحمد: رأيت أبي كان يذهب إِلى قول ابن عباس، وقال عمرو عن طاوس عن ابن عباس: الخلعُ تفريقٌ وليس بطلاق. وقال ابن جريج عن ابن طاوس: كان أبي لا يرى الفداء طلاقاً ويُخَيّرُهُ.
ومن اعتبر الألفاظ ووقف معها، واعتبرها في أحكام العُقود، جعله بلفظ الطلاق طلاقاً، وقواعد الفقه وأصوله تشهد أن المرعيّ في العقود حقائقها ومعانيها لا صورها وألفاظها، وبالله التوفيق.
ومما يدلُّ على هذا، أنّ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمَر ثابت بن قيس أن يطلق امرأته في الخلع تطليقة، ومع هذا أمرها أن تعتدّ بحيضة، وهذا صريح في أنه فسْخ، ولو وقع بلفظ الطلاق.
وأيضاً فإِنه -سبحانه- علّق عليه أحكام الفِدية بكونه فدية، ومعلوم أنّ الفدية لا تختص بلفظ، ولم يُعيِّن الله -سبحانه- لها لفظاً معيّناً، وطلاق الفداء