للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال -رحمه الله-: "وقوله: {واضربوهنّ} أي: إِذا لم يرتدِعْن بالموعظة ولا بالهجران، فلكم أن تضربوهنّ ضرباً غير مبرِّح كما ثبت في "صحيح مسلم" (١) عن جابر عن النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أنه قال في حَجّة الوداع: فاتقوا الله في النّساء، فإِنكم أخذتموهُنّ بأمان الله واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله، ولكم عليهنّ أن لا يوطئن فُرُشَكُم أحداً تكرهونه، فإِنْ فعلن ذلك فاضربوهنّ ضرباً غير مبرّح، ولهنّ عليكم رزقهنّ وكسوتهنّ بالمعروف".

وكذا قال ابن عباس وغير واحد: ضرباً غير مبرِّح؛ قال الحسن البصري: يعني: غير مؤثِّر. وقال الفقهاء: هو أن لا يكسر فيها عضواً، ولا يؤثر فيها شيئاً.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: يهجرها في المضجع، فإِنْ أقبلت وإلا فقد أذِن الله لك أن تضرب ضرباً غير مبرح، ولا تكسر لها عظماً، فإِنْ أقبلت وإِلا فقد حل لك منها الفدية.

ثمّ ذكر الحديث: "لا تضربوا إِماء الله، فجاء عمر -رضي الله عنه- إِلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: ذَئِرْن (٢) النساء على أزواجهنّ، فرخصّ في ضربهنّ، فأطاف بآل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نساء كثير يشكون أزواجهنّ، فقال النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهنّ، ليس أولئك بخياركم" (٣).

ثمّ قال -رحمه الله-: "وقوله: {فإِنْ أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلاً}


(١) برقم: ١٢١٨.
(٢) ذَئرْن: أي: اجترأن ونشزن وغلبن. "عون".
(٣) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (١٨٧٩)، وابن ماجه "صحيح سنن =

<<  <  ج: ص:  >  >>