من الزوجين للفجور والمعصية وغير ذلك من مفاسد الطلاق، وكان مع ذلك قد يحتاج إِليه الزوج أو الزوجة وتكون المصلحة فيه؛ شَرَعَهُ على وجهٍ تحصل به المصلحة وتندفع به المفسدة، وحرَّمه على غير ذلك الوجه، فشرعه على أحسن الوجوه، وأقْربِها لمصلحة الزوج والزوجة، فشرع له أن يطلّقها طاهراً من غير جماع طلقة واحدة؛ ثمّ يدعها حتى تنقضي عدتها، فإِنْ زال الشّرّ بينهما وحصلت الموافقة؛ كان له سبيل إِلى لمِّ الشعث وإعادة الفراش كما كان، وإلا تركها حتى تنقضي عدَّتها، فإِنْ تبعَتها نفسه؛ كان له سبيل إِلى خِطبتها وتجديد العقد عليها برضاها، وإنْ لم تتبعها نفسه؛ تركَها فنكحت من شاءت، وجعل العدّة ثلاثة قروء؛ ليطول زمن المهلة والاختيار.
فهذا هو الذي شرَعه وأذن فيه، ولم يأذن في إبانتها بعد الدخول إِلا بالتراضي بالفسخ والافتداء، فإِذا طلَّقها مرةً بعد مرةٍ بقي له طلقةٌ واحدة، فإِذا طلقها الثالثة حرَّمها عليه عقوبة له، ولم يحلَّ له أن ينكحها حتى تنكح زوجاً غيره، ويدخل بها ثمّ يفارقها بموت أو طلاق، فإِذا عدمِ أن حبيبه يصير إِلى غيره فيحظى به دونه؛ أمسك عن الطلاق. انتهى ملخصاً.
الأدب العاشر: التطليق بإِحسان، لا بإِساءة ولا فحش من الكلام ولا بغي ولا عدوان، فإِن الله -تعالى- أمَر بالإِحسان في كل شيء، قال -تعالى-: {الطلاق مرَّتان فإِمساكٌ بمعروف أو تسريح بإِحسان} وقد روى ابن جرير "أنّ ابن عباس سئل عن معنى الآية فقال: ليتق الله في التطليقة الثالثة، فإمَّا يمسكها بمعروف فيحسن صحابتها، أو يسرِّحها فلا يظلمها من حقها شيئاً".
وقال الضحاك: التسريح بإِحسان أن يعطيها مهراً إِنْ كان لها عليه إِذا