للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-رحمهما الله تعالى- في "زاد المعاد/ (٤/ ٤٧٥): "فمن قدّمناه بتخيير أو قرعة أو بنفسه، فإِنما نقدِّمه إِذا حصَلت به مصلحة الولد، ولو كانت الأمُّ أصون من الأب وأغير منه قُدّمت عليه، ولا التفات إِلى قُرعة ولا اختيار الصّبي في هذه الحالة، فإِنه ضعيف العقل يؤثر البطالة واللعب، فإِذا اختار من يساعده على ذلك، لم يُلتَفت إِلى اختياره، وكان عند من هو أنفع له وأخير، ولا تحتمل الشريعة غير هذا، والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد قال: "مروهم بالصلاة لسبع، واضربوهم على تركها لعشرٍ، وفرِّقوا بينهم في المضاجع" (١) والله -تعالى- يقول: {يا أيُّها الذين آمنوا قُوا أَنْفسَكُمْ وأهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ والحِجَارَةُ} (٢).

وقال الحسن: علِّموهم وأدِّبوهم وفقِّهوهم، فإِذا كانت الأمُّ تتركه في المكتب، وتُعلِّمه القرآن، والصّبيّ يُؤْثِر اللعب ومعاشرة أقرانه، وأبوه يمكنه من ذلك، فإِنها أحقّ به بلا تخيير، ولا قرعة، وكذلك العكس، ومتى أخلّ أحد الأبوين بأمر الله ورسوله في الصّبيّ وعطّله، والآخر مُراعٍ له، فهو أحقّ وأولى به.

وسمعت شيخنا -رحمه الله- يقول: تنازع أبوان صبيّاً عند بعض الحكّام، فخيّره بينهما، فاختار أباه، فقالت له أمّه: سله لأي شيء يختار أباه، فسألَه، فقال: أمّي تبعثني كلّ يوم للكتاب، والفقيه يضربني، وأبي يتركني للّعب مع الصبيان، فقضى به للأمّ. قال: أنت أحقُّ به.

قال شيخنا: "وإذا ترك أحد الأبوين تعليم الصبي، وأمْره الذي أوجبه الله


(١) أخرجه ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود "صحيح سنن أبي داود" (٤٦٦)، وغيرهم وانظر "الإِرواء" (٢٤٧).
(٢) التحريم: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>