للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سرَقَت فقالوا: من يكلّم فيها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومن يجترئ (١) عليه إِلا أُسامة حبُّ (٢) رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فكلّم رسولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: أتشفعُ في حدٍّ من حدود الله؟

ثمّ قام فخطب فقال: يا أيها النّاس إِنما ضلَّ من كان قبلكم أنهم كانوا إِذا سرق الشريف تركوه، وإِذا سرق الضعيف، [وفي رواية (٣): الوضيع (٤)] فيهم أقاموا عليه الحدَّ، وأيم (٥) الله لو أنّ فاطمة بنت محمّد سرقت لقطعَ محمّد يدها" (٦).

وقد وجّهنا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلى العفو وعدم رفْع الحدود إِلى الأئمّة.

فعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أنّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "تعافوا (٧)


(١) من يجترئ: مِن الجُرأة، وهي الإقدام بإدلال. "الفتح" أيضاً.
(٢) الحِبّ: المحبوب.
(٣) انظر "صحيح البخاري" (٦٧٨٧).
(٤) مِن الوضع، وهو النقص. "فتح".
(٥) أيم الله من ألفاظ القسم، كقولك لعمر الله وعهد الله، وفيها لغات كثيرة، وتُفتَح همزتها وتُكسر، وهمزتها وصْل، وقد تُقْطع، وأهل الكوفة من النحاة يزعمون أنها جمع يَمين، وغيرهم يقول: هي اسمٌ موضوعٌ للقسم. "النهاية".
(٦) أخرجه البخاري؛ ٦٧٨٨، ومسلم: ١٦٨٨.
(٧) جاء في "عون المعبود" (١٢/ ٢٦): "تعافوا: أمر من التعافي، والخطاب لغير الأئمّة. الحدود: أي تجاوزوا عنها ولا ترفعوها إليّ فإنيّ متى علمتها أقمتها". قاله السيوطي. "فما بلغني مِن حدٍّ فقد وجب" أي: فقد وجب عليّ إقامته. وفيه أن الإِمام لا يجوز له العفو عن حدود الله إذا رُفِع الأمر إِليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>