ومثال التصريح أن يقول موجّهاً الخطاب إِلى غيره: يا زاني أو يقول عبارة؛ تجري مجرى هذا التصريح؛ كنفي نسَبِه عنه، ومثال التعريض؛ أن يقول في مقام التنازُع: لستُ بزانٍ، ولا أمّي بزانية.
عن عمرة بنت عبد الرحمن:"أنّ رجلين استبّا في زمان عمر بن الخطاب، فقال أحدهما للآخر: والله ما أبي بزان، ولا أمّي بزانية، فاستشار في ذلك عمر ابن الخطاب.
فقال قائل: مدَح أباه وأمّه، وقال آخَرون: قد كان لأبيه وأمّه مدْحٌ غير هذا، نرى أن تجلده الحدّ، فجلَده عمر الحدّ ثمانين" (١).
وذَهب بعض العلماء إِلى أنه لا حدّ في التعريض، لأنّ التعريض يتضمّن الاحتمال، والاحتمال شُبهة؛ فلا حدّ عليه.
وجاء في "الروضة الندية"(٢/ ٦٠٨) بعد ذكر أقوال العلماء: "أقول: التحقيق أنّ المراد مِنْ رمي المحصنات المذكور في كتاب الله -عزّ وجلّ-: هو أن يأتي القاذف بلفظٍ يدل -لغة، أو شرعاً، أو عرفاً- على الرمي بالزنا، ويظهر من قرائن الأحوال أن المتكلم لم يُرِدْ إِلا ذلك، ولم يأت بتأويلٍ مقبول يصح حمْل الكلام عليه، فهذا يوجب حدَّ القذف بلا شك ولا شُبهة.
وكذلك لو جاء بلفظٍ لا يحتمل الزنا، أو يحتمله احتمالاً مرجوحاً، وأقرّ أنه أراد الرمي بالزنا، فإِنه يجب عليه الحد.
وأمّا إِذا عرّض بلفظٍ مُحتَمل، ولم تدل قرينة حال ولا مقال على أنه قصد الرمي بالزنا؛ فلا شيء عليه؛ لأنه لا يسوغ إِيلامه بمجرد الاحتمال".