وعاقلة الرجل قرابته من قبل الأب، وهم عصبته، وهم الذين كانوا يعقلون الإِبل على باب ولي المقتول، وتَحمُّل العاقلة الدية ثابت بالسنة، وأجمع أهل العلم على ذلك، وهو مخالف لظاهر قوله: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} لكنه خُصّ من عمومها، ذلك لما فيه من المصلحة؛ لأن القاتل لو أُخِذ بالدية لأوشك أن تأتي على جميع ماله، لأن تتابع الخطأ منه لا يؤمَن، ولو تُرك بغير تغريم لأهدر دم المقتول. قلت: [أي: الحافظ -رحمه الله تعالى-] ويحتمل أن يكون السر فيه أنه لو أفرد بالتغريم حتى يفتقر لآل الأمر إِلى الإِهدار بعد الافتقار، فجعل على عاقلته؛ لأن احتمال فقر الواحد أكثر من احتمال فقر الجماعة، ولأنه إذا تكرر ذلك منه كان تحذيره من العود إِلى مثل ذلك من جماعة أدعى إِلى القَبول؛ من تحذيره نفسه والعلم عند الله -تعالى-. وعاقلة الرجل عشيرته، فيبدأ بفخذه الأدنى فإِن عجزوا ضم إِليهم الأقرب إِليهم وهي على الرجال الأحرار البالغين أُولي اليسار منهم".