للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمَكِين أولياء المقتول مِن استيفاء حقّهم من القاتل؛ ويفعل فيه الحاكم ما يختاره الوالي من القتل أو العفو أو الدِّيَة.

ثم إِنّ للسلطان أثراً في التذكير بالعفو -من غير إِلزام- وقد تقدّم أكثر مِن مرّة حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "قُتِل رجل على عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فرُفع ذلك إِلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فدفعَه إِلى وليّ المقتول، فقال القاتل: يا رسول الله والله ما أردْتُ قتْله قال: فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للولي: أمَا إِنّه إِنْ كان صادقاً ثمَّ قَتَلْتَهُ دَخلت النَّار، قال: فخلَّى سبيله" (١).

ولأَنّه أمْرٌ يفتقر إِلى الاجتهاد، ويحرُمُ الحيف فيه، فلا يُؤمَن الحيف مع قصد التشفّي، فإِنِ استوفاه من غير حضرة السلطان؛ فإِنه يُعزّر بفعل ما مُنع.

وعلى السلطان تفقُّد الآلة؛ فإِن كانت كالّة - منعه الاستيفاء بها لئلا يُعذَّب المقتول (٢).

عن شداد بن أوس -رضي الله عنه- أنّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إِنَّ الله كَتب الإِحسان على كل شيء، فإِذا قتلتم فأحسنوُا القِتْلَة وإذا ذَبَحتُم فأحسنوا الذَّبح، وليُحِدَّ أحدكُم شَفْرتَه فلْيُرح ذبيحَتَه" (٣).

وإنْ كان الوليّ لا يُحسن استيفاء حقّه؛ أمَرَه السلطان بالتوكيل فيه لأنه


(١) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (٣٧٧٥)، والترمذي "صحيح سنن الترمذي" (١١٣٥)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه" (٢١٧٨)، والنسائي "صحيح سنن النسائي" (٤٤٠٣) وتقدّم.
(٢) "المغني" (٩/ ٣٩٤).
(٣) أخرجه مسلم (١٩٥٥)، وتقدم مختصراً في (باب بمَ يكون القِصاص).

<<  <  ج: ص:  >  >>