للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنظر؛ إلاَّ العباسَ فإِنه لم يَشهدكم" (١).

قال الحافظ -رحمه الله- في "الفتح" (٨/ ١٤٧): "قوله: لا يبقى أحدٌ في البيت إِلا لُدَّ وأنا أنظر إلاَّ العباسَ فإِنه لم يَشهدكم" قيل: فيه مشروعية القِصاص في جميع ما يُصاب به الإِنسان عمداً، وفيه نظَر، لأنّ الجميع لم يتعاطَوا ذلك، وإنما فَعَل بهم ذلك عقوبة لهم لتركهم امتثال نهيه عن ذلك.

أمّا مَن باشره فظاهر، وأمّا من لم يباشِره فلكونهم تركوا نهيهم عما نهاهم هو عنه.

ويستفاد منه أن التأويل البعيد لا يُعْذَرُ به صاحبه، وفيه نظَر أيضاً لأن الذي وقع في معارضة النهي.

قال ابن العربي: أراد أن لا يأتوا يوم القيامة، وعليهم حقّه فيقعوا في خَطبٍ عظيم، وتُعقِّب بأنه كان يمكن العفو؛ لأنه كان لا ينتقم لنفسه.

والذي يظهر أنه أراد بذلك تأديبهم لئلا يعودوا، فكان تأديباً لا قِصاصاً ولا انتقاماً.

قيل: وإِنما كَره اللَّد مع أنه كان يتداوى؛ لأنه تحقق أنه يموت في مرضه، ومَن حقق ذلك كُره له التداوي. قلت: وفيه نظَر، والذي يظهر أن ذلك كان قبل التخيير والتحقق، وإِنما أنكَر التداوي؛ لأنه كان غيرَ ملائم لدائه؛ لأنهم ظنوا أنّ به ذات الجنب فداووه بما يلائمها؛ ولم يكن به ذلك كما هو ظاهر في سياق الخبر كما ترى، والله أعلم".


(١) أخرجه البخاري (٦٨٩٧) مسلم (٢٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>