أرش الجناية بمقدار الثلثين من أرش الموضحة، ثم كذلك إِذا بقي النصف أو الربع أو الخمس أو العشر وهكذا في سائر الجنايات التي لم يَرِدْ تقدير أرْشها، فإِنه ينبغي النسبة بينها وبين ما وَرَد تقدير أرشه من جنسها ... ".
وجاء في "السيل الجرّار" (٤/ ٤٥٠): "أقول: قد تقرر عصمة الدّماء، وأنه لا يَحلّ إِراقة شيء منها بغير حقِّه، ولا الجناية على مَعْصوم الدم؛ من غير فرق بين أن تكون صغيرة أو كبيرة وَرَد في الشرع تقديرها أو لم يَرِد.
فمن جنى على غيره جنايةً ظاهرة الأثر، ولم يَرِد في الشرع لها تقدير، كما في دون الموضحة وسائر ما أشار إِليه المصنّف؛ فلا يكون عدم ورود الشرع بتقديرها مقتَضياً لإِهدارها، وعدم لزوم أرْشها بلا خلاف، وإِلا لزم إِهدار ما هو معصوم بعصمة الشرع، واللازم باطل بالإِجماع فالملزوم مثله.
فالجناية التي لم يَرِد الشرع بتقديرها؛ لابدّ من الرجوع في التقدير إِلى شيء يكون على طريقة العدل لا حَيْف فيها على الجاني، ولا على المجني عليه، فيُنظر مثلاً في قدر اللحم الذي ذَهَب بالجناية، وقَدْر ما بقي إِلى ما ورد فيه التّقدير من الشرع، فيلزم فيه بنسبته إِلى ذلك الذي ورد فيه التقدير.
فإِذا كان المأخوذ نِصفَ اللحم والباقي فوق العظم نصفه كان أرشها نصف أرش الموضِحة.
وإذا كان المأخوذ ثلثاً كان أرشها ثلث أرش الموضِحة، ثمّ كذلك، ويكون المرجع في هذا التقدير إِلى أهل الاختبار بالجنايات.
فإِذا أخبروا الحاكم بأن المأخوذ كذا؛ قَرّبه الحاكم إِلى أرش ما وَرَد به الشَّرع بحسب نِسبته إِليه، وهكذا في العضو الزائد، وسِنّ الصبي، وذهاب الشّعر