للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وأنّ الأخْذ مِن غير إِذْنٍ يجوز؛ إِذا عَلِم أو رجّح طِيب نفسِ صاحب الطعام. ويفيدنا في ذلك قول الإمام البخاري -رحمه الله- في كتاب "الأدبَ المفرد" (باب دالّة أهل الإِسلام بعضهم على بعض) ثم ذِكْر لأثر محمد بن زياد قال: "أدركت السَّلف، وإِنَّهم ليكونون في المنزل الواحد بأهاليهم، فربما نزل على بعضهم الضيف، وقِدْرُ أحدهم على النَّار، فيأخذها صاحب الضيف لضيفه، فيفقد القِدرَ صاحَبُها، فيقول: من أخذ القِدر؟ فيقول صاحب الضيف: فحن أخذناها لضيفنا، فيقول صاحب القِدر. بارك الله لكم فيها أو كلمةً نحرها.

قال بقية: قال محمّد: والخبز إِذا خَبَزوا مثل ذلك، وليس بينهم إلاَّ جُدُرُ القَصبِ" (١).

٣ - وأنه يجوز للحاجة والضرورة: ويعود تقدير الحاجة والضرورة للمرء نفسه.

عن عباد بن شرحبيل -رضي الله عنه- قال: "أصابتني سَنَة (٢)، فدخَلْتُ حائطاً من حيطان المدينة، ففركْتُ سنبلاً، فأكلْتُ وحملتُ في ثوبي، فجاء صاحبه، فضربني وأخَذ ثوبي.

فأتيتُ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال له: ما علّمته إِذْ كان جاهلاً، ولا أطعمته إِذ كان ساغباً (٣) أو جائعاً، وأمَره، فردَّ عليّ ثوبي، وأعطاني وسْقاً (٤) أو نصف


(١) انظر "صحيح الأدب المفرد" (٥٧٦).
(٢) السَّنَة: الجدب، في "سنن ابن ماجه": "أصابنا عام مخمصة".
(٣) ساغباً: جائعاً، وقيل: لا يكون السَّغَب إِلا مع التعب. "النهاية".
(٤) الوَسْق: ستون صاعاً ... والأصل في الوَسْق الحمل، وكل شيء وسَقْته فقد حَملته. "النهاية".

<<  <  ج: ص:  >  >>