الفوائد مشروعية القَسامة، قال القاضي عياض: هذا الحديث أصْلٌ من أصول الشرع وقاعدةٌ من قواعد الأحكام، ورُكن من أركان مصالح العباد، وبه أخَذ كافَّة الأئمّة والسلف؛ من الصَحابة والتابعين وعلماء الأمّة وفقهاء الأمصار من الحجازيين والشاميين والكوفيين، وإِن اختلفوا في صورة الأخذ به.
ورُوِيَ التوقف عن الأخذ به عن طائفة فلم يروا القَسامة، ولا أثبتوا بها في الشرع حُكماً، وهذا مَذهب الحكم بن عتيبة وأبي قلابة وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار وقتادة ومسلم بن خالد وإِبراهيم بن علية، وإِليه ينحو البخاري، وروي عن عمر بن عبد العزيز باختلاف عنه، قلت: هذا ينافي ما صدَّر به كلامه أن كافّة الأئمّة أخَذوا بها" انتهى كلام الحافظ -رحمه الله تعالى-.
قلت: وتوقّف بعضهم لا ينافي ثبوت هذا الحُكم، فحسبُنا قضاء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك، وعمل السلف من الخلفاء والصحابة والتابعين وعلماء الأمة وفقهاء الأمصار. وبالله التوفيق.
وجاء في "سبل السلام" (٣/ ٤٨٠): بعد الحديث المشار إِليه-: "اعلم أنّ هذا الحديث أصْلٌ كبير في ثبوت القَسامة عند القائلين بها، وهم الجماهير؛ فإِنهم أثبتوها وبيّنوا أحكامها".
وجاء أيضاً في "مجموع الفتاوى" (٣٤/ ١٥٥): "وسئل -رحمه الله تعالى- عن أهل قريتين بينهما عداوة في الاعتقاد، وخاصَم رجل آخر في غنم ضاعت له، وقال: ما يكون عِوَض هذا إِلا رقبتك، ثم وجد هذا مقتولاً، وأثر الدم أقرب إِلى القرية التي منها المتهم، وذكر رجل له قتْله؟
فأجاب: إِذا حلَف أولياء المقتول خمسين يميناً، أنّ ذلك المخاصِم هو الذي